top of page

Untitled

نظرات في قانون الجرائم الالكترونية

المحامية

دانا عماد النجار

في الوقت الذي تنادي به الحكومة الى جملة من الإصلاحات السياسية وعلى رأسها تفعيل قانون الأحزاب السياسية وتشجيع الشباب الى الانتساب الى الأحزاب وممارسة العمل السياسي والانتخابي.

جاءت مسودة قانون الجرائم الالكترونية لتنسف حقا أساسياً ومساحة من مساحات الفضاء المتاح لممارسة حرية الرأي والتعبير التي كفلها الدستوري الأردني بالأصل.

حيث تضمن مشروع قانون الجرائم الإلكترونية فنا جديدا من أصول الصياغة القانونية للقواعد الجزائية حيث ان مجمل القواعد التجريمة تخالف أسس الفلسفة العقابية، من حيث المغالاة في العقوبات وعدم مراعاة المبادئ الأصولية في التشريع مثل مبدأ التدرج في العقوبات من حيث الجسامة ومبدأ تفريد العقوبة، والجمع بين العقوبات ووضع الحد الأدنى دون تحديد الحد الأعلى .

جاءت هذه الصياغة وهذا التغليط للعقوبات ليغطي على أهمية تعديل هذا القانون في الوقت المعاصر، حيث أن الجميع كان ينتظرا تعديلات من شأنها أن تساهم في تطور وتواكب المتغيرات التكنولوجية وتجرم المستحدث لجعل الفضاء الالكتروني آمنا، لكن تفاجأ الجميع بتغليظ العقوبات على جرائم الذم والقدح والتحقير والاخبار الكاذبة واغتيال الشخصيات ... الامر الذي أثار القلق بين الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان الذين قابلوا مسودة القانون بالانتقادات خشية أن يتحول لسيف مسلط على رقاب كل حامل قلم ، وكل من ينتقد أداء مسؤول .

تميزت المسودة وبشكل غير مسبوق استعمال فضفاضة تشير لجرائم غير محددة أو واضحة الأركان؛ مثل مصطلح اغتيال الشخصية والأخبار الزائفة والنيل من الوحدة الوطنية دون وضع الحد الأدنى من المعايير لتحديد الركن المادي لكل جريمة منها ، أعتبر البعض أن المسودة بصورتها التي اقرها مجلس النواب تشكل خرقا دستوريا لنص المادة 128 من الدستور الأردني والتي تنص أنه " لا يجوز أن تؤثر القوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها. " ، كما انها تخالف العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في المادة 19 منه والتي قررت شكل التزام الدول بخصوص حق حرية الرأي والتعبير واعتناق الآراء على أنه التزام سلبي ، وحصرت إخضاع القوانين الناظمة له في أطر حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة .

باتت تدرك الصحافة الأردنية بأشكالها المتطورة والتي تجاري العالم في استعمال مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات ومواقع الالكترونية اليوم أن هوامش عملها ومساحاته غدت أضيق وأضيق ، ففي ظل ركاكة حق الحصول على المعلومات وتعذر حصول الصحفيين على إجاباتهم ، والتبعات الجسيمة لنشر الانتقادات الموجهة إلى إحدى سلطات الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة أو أحد أعضائها أو إلى أي موظف عام أثناء أو بسبب قيامه بوظيفته أصبح من غير الممكن توجيه أي شكل من أشكال النقد بما فيها النقد المباح الوارد في قانون العقوبات الأردني ويترتب على ذلك عدم جواز إثبات صحة الذم الموجه للموظف العام وفقاً لأحكام ذات القانون.

من غير المتوقع أن تتوفر حرية الرأي والتعبير في أي دولة من دول العالم بشكل صحي تماماً ومطلق، ولكن على أقل تقدير من الواجب أن ترتكز القيود التي تنظمها على أسس متناغمة قدر الإمكان مع الصكوك والاتفاقيات المصادق عليها من قبل الدولة .

كل ما سبق يشير إلى ضرورة مراجعة منظومة التشريعات الأردنية التي تحتاج إلى مراجعة حتى تتواءم وتنسجم مع المعايير الدولية التي تنظم وتحمي حرية الصحافة والإعلام وتصونها، وفي حين ينادي جلالة الملك عبدالله الثاني – حفظه الله- في تصريحاته بضرورة حماية حق حرية التعبير وبأن حرية الصحافة سقفها السماء تأتي القرارات الرسمية ضد مؤسسة الإعلام وغير متوائمة إطلاقاً ، وهو ما يتم أخذه بعين الاعتبار عند صدور التقارير الدولية التي تقيم مستوى الحقوق والحريات في الدول .

11 views0 comments

Recent Posts

See All

Untitled

نظرات في قانون الجرائم الالكترونية المحامية دانا عماد النجار في الوقت الذي تنادي به الحكومة الى جملة من الإصلاحات السياسية وعلى رأسها تفعيل قانون الأحزاب السياسية وتشجيع الشباب الى الانتساب الى الأحزا

اغتيال الشخصيات الاقتصادية والسياسية في ظل البيئة الرقمية

المحامي الدكتور صخر أحمد الخصاونة يقصد باغتيال الشخصية التعمد المستهدف لتدمير سمعة ومصداقية شخص أو مؤسسة أو منظمة أو مجموعة اجتماعية أو أمة، من خلال منهجية دائمة وبشكل منتظم وذلك لتحقيق أهداف غير شريف

bottom of page